قلعة تبنين أو البناء المشيد حسب اللغة الآرامية القديمة، وحسب ما ورد في معجم القرى والمدن اللبنانية لأنيس فريحة، وما جاء على لسان محسن الأمين وابنه حسن اللذين يرجعان تاريخها إلى بداية الحروب الصليبية عام (1107م)، وعرفها «الفرنجة» باسم «طورون» تيمناً باسم الذي أشرف على بنائها، ليأتي بعدها التاريخ العربي شعراً ونثراً ليعرف عنها بـ «تبنين»، نظراً لموقعها الجغرافي المميز، وأيضاً لأنها تعتبر من أمهات بلدات جبل عامل.
اول من وضع الحجر الاساس لقلعة تبنين هم الآراميون، منتصف القرن التاسع قبل الميلاد. فأمر حزائيل بن بنجدد ببنائها عام (1850 ق.ب) عندما وصل بفتوحاته الى فلسطين بهدف الاستيلاء على خطوط التجارة التي كانت تربط مصر بالجزيرة العربية. وقد أطلق عليها اسم تبنين، وتعني بالآرامية البناء المشيّد. وعرفت ايضاً باسم طورون وطور.
تعرضت القلعة عام 680 ق.م. في عهد سنحريب الآشوري للدمار. وفي مطلع 582 ق.م. حاصرها نبوخذنصر الكلداني أثناء تقدم قواته باتجاه صور. وأعيد ترميم القلعة في العصر الروماني، وأهملت في العصر البيزنطي.. ولم تستفق من سباتها العميق الا على قع حوافر خيول الصليبيين في مستهل عام 1099م.
وذكر المؤرخ الاوروبي وليم الصّوري، الذي عاصر الحروب الصليبية وسجّل وقائعها، أن القلعة شيّدها سنة 1105م (هوغ دي سان أومير) لتكون معقلاً ينطلق منه في شنّ هجماته على صور وناحيتها الشرقية، وذلك نظراً لبروز هذا المكان وعلوّه واشرافه على ما حوله من سهول وبطاح.
وان قيام القلعة في تبنين وموقعها وقربها من المراكز المدنية والعسكرية الكبرى ولا سيما صور، جعل تبنين شأناً هاماً في مجرى احداث ذلك العصر، حيث كان يعهد بالحكم فيها لكبار الرجال او بعضهم ويلقب كل منهم بالملك.
وبعد ان كانت مركز الثقل عند الافرنج في هجماتهم على صور، عادت كذلكعند العرب بعد جلاء الفرنج عنها وتحصنهم بصور.
وكانت تبنين في تلك العهود ملتقى القوافل الكبرى من دمشق الى السواحل، وكانت تنازعها بذلك مدينة طبريا الفلسطينية نظراً لقصر الطريق مع وعورتها في الاولى، وطول الطريق مع سهولتها في الثانية.
واعتمدت تبنين بعد ذلك احدى المقاطعات الثماني التي جددّها الامراء العامليون في منتصف القرن الثاني عشر الهجري.
تبتعد تبنين عن العاصمة بيروت مسافة 110 كلم تقريباً باتجاه الجنوب، وعن مدينة صور حوالي 30 كلم شرقاً, ويبلغ عدد السكان المحليين في البلدة نحو 15 ألف نسمة. أما اليوم وحسب الاحصاءات فيوجد 4000 نسمة مقيمين والباقي يتوزّع بين العاصمة بيروت وبلدان الاغتراب لا سيما الولايات المتحدة الاميركية وافريقيا. والجدير بالذكر ان هذه النسبة تتجه الى الارتفاع في فصل الصيف حيث يتوافد ابناء البلدة للاصطياف في ظل طبيعتها الخلابة ومناخها المعتدل اللطيف. أما كنى العائلات في بلدة تبنين فيبلغ إثنان وخمسون.
تعتبر الينابيع في بلدة تبنين من الثروات الفيّاضة التي اصبحت مقصداً لأهل المنطقة وأهم هذه الينابيع : عين المزراب - عين الحور - عين الوردة - عين الخان.
وما يميّز البلدة ايضاً مراكزها الصحية المجهزة والمؤهلة لخدمة أهالي المنطقة، وذلك من خلال المستشفى الحكومي الذي يتم الآن تحديثه تقنياً وتطويره بإضافة طوابق جديدة عليه. ومركز الصليب الاحمر اللبناني. ومستوصف قوات الطوارىء، اضافة الى فتح مراكز لوزارة الشؤون الاجتماعية فيها.
أهم المعالم الاثرية والسياحية التي تفتخر تبنين بوجودها : القلعة، والحصن، والمنازل القديمة، وغابة الصنوبر (المشروع الاخضر). فإذا وقفنا عند القلعة، نجد ان ما يعطيها سمة خاصة هو ارتفاعها عن سطح البحر 750م. وتبلغ مساحتها 25000 متر مربع. أما الحصن فهو عبارة عن سكن كبير يقع في الناحية الجنوبية للقلعة ويشرف على الناحية الجنوبية الغربية، ويتألف من اربعة أبراج متصلة ببعضها البعض. وقد بقي الحصن قائماً حتى سنة 1965 وكان مقراً للقوات العسكرية نظراً لما يتضمنه من أنفاق. اما المنازل القديمة فنرى انها لا تزال موجودة في بعض الاحياء ومازال ابناء البلدة يحافظون على هذه المعالم بأعتبارها تراثاً قديماً وكنزاً ثميناً. اما غابة الصنوبر والسنديان فهو المنتزه الافضل والهام في المنطقة، حيث يقصده المتنزهون من القرى المجاورة وقد تم تزفيت الطريق بداخله بين الاشجار وبنيت ملاعب رياضية حديثة ومقاعد خاصة للزائرين ليتاح لهم الجلوس براحة في مكان ظليل وهادىء جداً.
لا يمكن لقاصد بلدة تبنين الا ان يمر على سوقها (سوق الجمعة) الشعبي الجميل، بحيث تظن اذا رأيته ان البلدة مزينة لاستقبال زائر او للاحتفال باحدى المناسبات. وقد كان هذا السوق ولا يزال مقصداً لاهالي القرى المجاورة والبعيدة كافة باعتبار أنه يعود الى عام 1892م، وبات جزءاً لا يتجزأ من تراث البلدة.. الى جانب ذلك يتوفر في البلدة العديد من الخدمات لا سيما بعض المؤسسات التجارية الصغيرة والدوائر الرسمية والعديد من المطاعم والمقاهي
وكذالك فلبنان عامره بالاثار منها
الاعمدة في بعلبك